الأحد، 5 أغسطس 2012

رد على محمد يوب



رد على قراءة الأستاذ والناقد محمد يوب في مؤلف تكوين العقل العربي للأستاذ الكبير محمد عابد الجابري ذ. بوعزة ساهل في عدة مواقع على الانترنيت ، ظهرت مجموعة من المواضيع الفكرية للأستاذ محمد يوب ( ناقد في مجال الأدب ) ، تناول فيها بالتفصيل قراءة قي مشروع الأستاذ محمد عابد الجابري رحمه الله . بدأ الأستاذ الناقد بقراءة لكل جزء من الأجزاء الأربعة وهي على التوالي :
تكوين العقل العربي بنية العقل العربي العقل السياسي العربي العقل الأخلاقي العربي و قبل الرد على هذه القراءة نطرح مع الأستاذ الناقد بعض الأسئلة التمهيدية منها : ما هي القراءة أولا؟ وما نوع القراءة التي اعتمدها الأستاذ محمد يوب في مقاربته التي يقول عنها أنها تحليلية . هل هي قراءة وصفية ؟ استكشافية ؟ تشخيصية ؟ معرفية ؟ أليست القراءة التحليلية تفكيك للنص وإعادة بناءه من جديد ؟ ما هي الإشكالات التي حللها وفككها الأستاذ وأعطاها تأويلا جديدا يناسب المرحلة، يتفاعل فيها القارئ مع النص ( النص هنا هو التراث العربي الإسلامي ) .
فقراءة مشروع ضخم من حجم مشروع الجابري يتطلب ما قرأه الجابري سواء صرح به أو لم يصرح به . وفي هذا السياق يقول جورج طرابيشي في الجزء الأول (= نظرية العقل) من مشروعه الضخم نقد نقد العقل العربي... "قد كان علي أن اقرأ لا كل ما كتبه الجابر، ولا كل ما قرأه أو صرح انه قرأه فحسب ، بل كذلك ما لم يصرح انه قرأه وما كان يفترض به انه قرأه" مما يعني أن قراءة في ما كتبه الجابري تتطلب تلك المواصفات التي تحدث عنها طرابيشي في هذه الفقرة المقتضبة والمركزة ، يعني ما صرح به الجابري وما غيبه وسكت عنه لأغراض ايديولوجية تخدم أطروحاته العديدة والمتنوعة. فبعد هذه التمهيدات نعود إلى قراءة مؤلف تكوين العقل العربي للأستاذ محمد يوب متناولين النقط التالية : 1- في بداية القراءة يقول إن الجابري ركز على تحديد المفاهيم التالية : -ما المقصود بالعقل العر بي ؟ - ما علاقة العقل العربي بالثقافة العربية ؟ - كيف تحدد زمانها ؟ ( يقصد الثقافة العربية ). إن ما أثار انتباهنا هنا هو الخلط بين المفاهيم والإشكالات . فهذه الأسئلة التي تؤطر قراءة الاستاذ هي إشكالات سيتناولها لاحقا. 2- يقول الأستاذ يوب في قراءته لتكوين العقل العربي ان الجابري اعترضتنه مشكلة بداية ( بدايات ) تشكيل العقل العربي والثقافة العربية والإطار الزمني الذي تشكل فيه هذا العقل العربي دون أن يشير إلى هذه الاعتراضات ولم يعطي حلولا أو اقتراحات لتجاوز تلك العوائق التي كانت سببا في تلك المشاكل وتلك الاعتراضات. وحول هذه الاعتراضات يقول الجابري في الفصل الثاني من الكتاب : " إننا نتصور الفكر العربي يبدأ بداية متواضعة أو على هذه الدرجة او تلك من الأهمية في نقطة ما داخل ما نسميه العصر الجاهلي، وهو فترة ثقافة تمتد حسب غالبية الأقوال ما بين 50 و100 سنة قبل الإسلام ". (ص48-49). وانطلاقا من هذه البداية قسم الجابري تطور الفكر العربي إلى ثلاثة مراحل أساسية ( بدايات ) ، البداية الأولى كما قلنا من نقطة داخل العصر الجاهلي والثانية مع بداية الدعوة المحمدية أما البداية الثالثة فهي بداية النهضة العربية الحديثة ( بداية تاريخ جديد ) (ص49). إلا أن البدايتين الأولى والثانية تصبان تلقائيا في ما يسميه الجابري عصر التدوين-الذي يبدأ حسب المؤرخين ( مثلا الذهبي ) من سنة 143 هجرية - ويعتبر الإطار المرجعي الفعلي لتشكل العقل العربي لان ذلك العصر لم يقطع مع ما قبله ، بل يحويه ويتضمنه بطريقة اللاشعورية لأنه جزء من مكوناته ، فصورة العصر الجاهلي وصورة صدر الإسلام والقسم الأعظم من العصر الأموي نسجتها خيوط منبعثة من عصر التدوين في الإسلام هي نفس الخيوط التي نسخت صور ما بعد عصر التدوين ، وليس العقل العربي في واقع الأمر شيئا آخر غير هذه الخيوط بالذات التي ابتدأت إلى ما قبل وصنعت صورته في الوعي العربي (ص62). 3- فعند حديثه عن بدايات تشكل العقل العربي يقول الأستاذ يوب إن ان ان الجابري مرة يتكلم عن العقل العربي ومرة يتكلم عن الثقافة العربية ولهما عنده نفس المعنى فالثقافة هي العقل والعقل هي الثقافة ( الصياغة من عند الأستاذ ) إلا أننا لم نجد أثرا لهذه المطابقة بين العقل والثقافة في كتب الجابري ، فالعقل أداة منتجة للفكر أو هو الفكر نفسه، والفكر جزء من الثقافة وبالتالي الفرق شاسع بين المفهومين العقل والثقافة . 4- أما على مستوى المنهج الذي اعتمده الجابري في رأي الأستاذ الناقد فهو المنهج التكويني يقصد المنهج البنيوي التكويني(= التوليدي ) الذي تتحكم فيه ثوابت ويغتني بالتحولات، لكن الأستاذ لم يشر إلى المنهج التاريخي (ربط فكر صاحب النص الذي أعيد تنظيمه حيث المعالجة البنيوية بمجاله التاريخي بكل أبعاده =نحن والتراث ص 24 ) والطرح الإيديولوجي الواعي ( الكشف عن الوظيفة الاجتماعية والسياسية ... ) التي اعتمدهما الجابري بجانب المنهج الابستمولوجي وتوظيفه إجرائيا لهذا البعد الايسيتمولوجي في كتاباته خاصة تكوين العقل العربي وبنية العقل العربي ، فالجابري معروف بالنسبة للقراء ببعده الابستمولوجي . لقد وظف الجابري مفاهيم مستعارة من حقول معرفية غربية مثل اللاشعور لفرويد ويونغ و الابستمي لفوكو والقطيعة الابستمولوجية لباشلارواللاشعور المعرفي عند بياجي والكتلة التاريخية لانطونيو غرامشي ... فالباحث عموما ينتقل من منهج إلى آخر مثله مثل ربان الطائرة ، يحلق في الفضاء و فق الإحداثيات التي يتحرك فيها ( المعلم ) ليصل إلى الهدف المنشود مراعيا شروط ذلك الانتقال. 5- يقول الأستاذ الناقد في موقع أخر من قراءته للمؤلف المذكور : نحن نختلف في كتابة تاريخ الفكر العربي كفرق وشيع ومذاهب وهذا ا لاختلاف مذموم وليس محمود أولا هذه العبارة غير واضحة ، يمكن القارئ العودة إليها ، فهي لا تفيد بالغرض ثانيا إن المصطلحين مذموم ومحمود لا ينتميان إلى قاموس الفلسفة بل ينتميان إلى قاموس الفقهاء. 6- فالجابري لم يحصر مرحلة تكوين عناصر العقل العربي ابتداء من عصر التدوين ( منتصف القرن الثاني الهجري ) كما نظن ، بل هذه المرحلة التي اعتبرها الأستاذ يو ب بداية تشكل العقل العربي فما هي إلا مرحلة تتويج لمراحل سابقة ذكرها الجابري واشرنا إليها في الفقرات السابقة ، مرحلة نقطة ما في العصر الجاهلي ومرحلة صدر الإسلام ، إن ما يميز هذه المرحلة الأخيرة ، مرحلة عصر التدوين هو تعبئة علماء ومفكري الدولة العباسية لتدوين وتقنين علومهم من أحاديث وتفاسير ولغة وإعطاء للثقافة العربية طابع الثقافة العالمة . 7- ففي موقع آخر لنفس القراءة يقول الأستاذ إن الإسلام لم يرفض كل ما قبله بل اعتمد على الجانب النير في العقل العربي القديم حيث الرسول أعجب بقصائد شعرية غاية في الروعة لشعراء الجاهلية . نحن نتفق مع الأستاذ في استمرارية الثقافة العربية التي لها جذور في أعماق العصر الجاهلي ، لكن لن نتفق معه في ربط الشعر بالعقل كان عربيا أم غير عر بي ، فالعقل ، هل ينتج شعرا أم أفكارا ، فالشعر مصدره في اعتقادنا القلب والجوارح والخواطر لأنه ينتمي إلى عالم التخيل وعالم الانفعالات . 8- أما التدوين الذي تكلم عنه الأستاذ في عهد الرسول فهو تسجيل وتقييد لا غير لن يصل إلى حد التدوين بمفهومه التداولي- الذي تعبأت له الدولة وليس أفرادا كما اشرنا إلى ذلك سابقا . 9- كان من أسباب ودواعي الرد على مقال الأستاذ محمد يوب بالدرجة الأولى هو بعض المغالطات التي لم يتحملها القارئ خاصة المهتم بالفكر وبالفلسفة . يقول باختصار : " انه في القرن الثالث الهجري كان ازدهار ثقافي لانفتاحنا على الدول المفتوحة إلا أن هذا الانفتاح كان له أثر سلبي " ( ومتى كان للازدهار أثر سلبي ؟) وعلل ذلك بحضور المنطق الأرسطي ، وان هذا الأخير اثبت فشله في اليونان وانتهى بنهاية الحضارة اليونانية ( هكذا يقول الأستاذ ) . السؤال من قال بفشل المنطق الأرسطي في اليونان؟ ما هي أوجه الفشل ؟ وفي أي ميدان؟ لا ادري هل يقصد بالمنطق الصوري أم المادي ( الاستقرائي ) لأنهما معا منسوبان أصلا إلى أرسطو ، فهو غالبا يقصد المنطق الصوري الذي كان سائدا في العصور الوسطى المسيحية والإسلامية . في رأينا يوصف إثبات فشل المنطق الأرسطي عند الذين لم يقرءوه ولم يفهموه مثلهم مثل ابن الصلاح والسيوطي وغيرهما الذين ما زالت فتاواهم تلاحقنا إلى الآن نحن أبناء القرن الواحد والعشرين ، فتاوى تحرم المنطق والفلسفة ، فمن تمنطق تزندق في رأيهما وفي رأي التابعين لهما . نتذكر ألان الإمام الغزالي الذي دافع عن المنطق الأرسطي بشدة في عدة مؤلفات أهمها معيار العلم ( القرن الخامس الهجري ) ورفع اللبس والفهم الخاطئ عن المنطق مما يزيل التعارض الذي أقامه بعض الفقهاء المتزمتين بين المنطق والدين الإسلامي (انظر كتابنا دفاعا عن المنطق الأرسطي . مجموعة مقلات ) وبالتالي حرر الإمام الغزالي الاشاعرة من الاستدلال بالشاهد على الغائب ( قياس الفقهاء ). ومن بين الذين أسسوا فلسفتهم على المنطق الأرسطي من المتصوفة شهاب الدين السهرودي ( الحلاب =المقتول ) وهو من المتأخرين فقد اهتم بالمنطق اليوناني بشقيه الأرسطي والرواقي، وربطه بفلسفته الاشراقية . فالسهروردي يطلب من أتباعه أن يفكروا أولا في المنطق الأرسطي وأن ينظروا في الفلسفة المشائية قبل الانتقال إلى فلسفة الإشراق. ففي رسالة اللمحات في الحقائق، التزم السهروردي فيها التقسيم التقليدي للعلوم الفلسفية من منطق وطبيعيات وميتافيزيقا. ففي المنطق، اعتنى بالتعريف ،والقضايا، والقياس، والبرهان دون أن يهمل مبحث المغالطات أي مغالطة السفسطائيين . وفي رسالة التلويحات اللوحية والعرشية، يذكر السهروردي أن غرضه منها إنما هو ربط تعليم أرسطو دون التفات إلى شروح الفلاسفة المشائين يقول: هذا هو المشروع في علوم ما بعد الطبيعة من التلويحات اللوحية والعرشية ، لم التفت منها إلى المشهور من مذاهب المشاءين ، بل أنقح ما فيها ما استطعت ، وأذكر إلى قواعد المعلم الأول( محمود محمد علي محمد .منطق الاشراق عند شهاب الدين السهرودي. مصر العربية للنشر . القاهرة . ط1. 1999.ص.78 ) (= ضمن كتاب لنا بعنوان العرب ومنطق اليونان : من مرحلة الانفتاح إلى مرحلة الجمود، قيد الطبع). 10- لا ادري هل الأستاذ المحترم نسى أو تناسى انتماءه إلى الغرب الإسلامي ، وان العلوم العربية في هذه المنطقة الجغرافية تأسست على علوم عصرها من منطق ورياضيات خاصة مع الدولة الموحدية في إطار إشكالية المغرب والأندلس السياسية والثقففية ( بخلاف العلوم في المشرق التي تأسست الدين و على الغنوص ) ا ،لقد قطع المغاربة مع إشكالية المشارقة على مستوى المنهج ( قياس الشاهد على الغائب) الذي أسس له الإمام الشافعي )والرؤية ،لان علومهم مبنية على الظن وليس القطع. فباعتبار المنطق الأرسطي من المعقولات التي دخلت إلى الثقافة العربية الإسلامية بجانب الرياضيات والموسيقى، وظف المنطق من طرف مفكري الإسلام سواء للدفاع عن العقيدة أو لتأسيس علومهم على تلك المعقولات . استعمل بعض البلاغيين واللغويين للمنطق الأرسطي في ميادينهم مثل حازم القرطاجني في كتابه مناهج البلغاء في صناعة البديع وأبو قاسم السجلماسي في كتابه المنزع البديع في تجنيس أساليب البديع وأبو عميرة في كتابه التنبيهات على ما في البيان من التمويهات، وكذلك الشاطبي في الموافقات ( ضمن الكتاب المرتقب ) . فهؤلاء جميعا نهجوا نهجا مغايرا في تآليفهم ، فهم يجمعون بين المأثورات البلاغية والفقهية والكلامية واللسانية والتراث اليوناني الأرسطي بواسطة الفارابي وابن سينا وابن رشد ( محمد مفتاح . التلقي والتأويل. ط1. 1994زص20)(= ضمن الكتاب المرتقب ). 11- ربط الأستاذ فشل المنطق الأرسطي بالمادة ، فهو يقول : "فالمادة مثلا عند أرسطو تتكون من عناصر( ربما يقصد العناصر الأربعة التي قال بها انبادوقليس وهي الماء والتراب والهواء والنار ) وان العقل العربي الإسلامي أصبح يعرف الذرة أو اقل منها ( ربما يقصد أجزاء منها ) كما جاء في القرآن" . الم تكن الذرة معروفة قبل الإسلام خاصة مع ديمقريطس صاحب نظرية الذرة؟ السؤال : ما علاقة القرآن بالذرة؟ هل حاول الأستاذ تفسير المادة بالقرآن؟ وهذا خطأ منهجي لان القرآن هو الذي يفسر بالعلم وليس العكس . في هذه النقطة المتعلقة بفشل المنطق الأرسطي كما يدعي الأستاذ ( والتي كررها في قراءته لبنية العقل العربي ) نشير أولا أن المنطق علم ( مثله مثل الرياضيات والفيزياء أو قل العلوم الطبيعية ) والعلم مقال ظرفي ، يبنى عن طريق الانفصال ، أي عبر قطائع وليس عن طر يق الاتصال كما كان في الابستمولوجا الكلاسيكبة ، فالعلم ديدنه هو تصحيح أخطائه باستمرار ( باشلار).طبعا وقعت قطيعة بين المنطق الأرسطي المؤسس ابستمولوجيا على مبدأ الهوية ومبدأ عدم التناقض ثم مبدأ الثالث المرفوع ، تلك المبادئ التي يعرفها أصحاب الصنعة ، والتي انهارت (تلك المبادئ ) مع نظرية الكوانتا لماكس بلانك مما فسح المجال لنقد تلك المبادئ وانبثاق ميلاد منطق جديد سمي بالمنطق الرياضي أو اللوجستيبكي على يد فريجة ثم ب. رسل وأستاذه وايتهد، فالمنطق الأرسطي مثله مثل الفيزياء الكلاسيكية التي كان يتربع على عرشها إسحاق نيوتن في العلم الحديث وانهارت الأسس والمبادئ التي تأسست عليها تلك الفيزياء مثل مفهوم الحتمية ومفهوم اليقين ومفهوم المطلق ... مع ظهور الفيزياء المعاصرة على يد ماكس بلانك واينشتين وبور وهيزنبيرغ وغيرهم. 12- الأهم في الكتاب الذي قام بقراءته لم يتناوله الأستاذ الناقد ، لم يتناول مكونات العقل العربي التي هي موضوع الكتاب، ستناوله في هذه الفقرة الأخيرة علما أن ردنا على الأستاذ المحترم يدخل في ما يلي : أولا كزميل عزيز، وثانيا فهو ناقد أدب بامتياز ، نقدم له تشكراتنا على المجهود الذي أبدله لقراءة كتاب ليس من السهل على غير المختص الإلمام بجميع خيوطه ، نحن نرد على الزميل يوب ليس من أجل الر د ، بل من اجل أغناء النقاش والحوار المثمر والهادئ، لان القليل من الأدباء من يتناولون مثل هذه المواضيع الفكرية والفلسفية، فتحياتنا له. كما أن ردنا يعتبر همزة وصل وتواصل فكري حضاري بين الكاتبين ، بل بين أديب و هاوي يطغى على تفكيره الجانب العلمي والفلسفي، أو قل يتموج فكره بين القمم والسفوح. نعود باختصار إلى أهم مكونات العقل العربي ونقول حسب أستاذنا الكبير محمد عابد الجابري رحمه الله ان مكونات العقل العربي ثلاث : -المكون الأول هو الفكر ا لذي تأسس انطلاقا من اللغة العربية والدين الإسلامي من حديث وبلاغة وكلام و نحو فقه ...يعني داخل الدائرة العربية الإسلامية ( داخل البيان العربي الإسلامي ) . هذا المكون أو النظام المعرفي هو الذي سمي ب البيان. - المكون الثاني هو الموروث العربي القديم . ونعني به بنيات العقائد والثقافات السابقة على الإسلام والتي انبعثت مع عصر التدوين ( منتصف القرن الثاني الهجري ) . كانت كما هو معروف عدة ديانات قبل الإسلام ، اليهودية والنصرانية والصابئة والزرادشية والهرمسية نسبة الى النبي هرمس ... هذه الديانات كلها إما انحرفت وإما دخلت في الشرك بدل التوحيد وبالتالي كان يطبعها اللامعقول ، هذا المكون أو النظام المعرفي هو ما سمي بالعرفان( يميزه العقل المستقيل ) . - المكون الثالث هو الموروث غير العربي ونعني به علم الأوائل( الأعاجم )°من فلسفة ومنطق ... أو قل العلوم العقلية . هذا المكون أو النظام المعرفي الأخير هو ما سمي بالبرهان. ومن خلال هذه النظم صنف الجابري مكونات الثقافة العربية الإسلامية إلى بيان وعرفان وبرهان ، كل نظام معرفي له مفاهيمه ومنهجه ورؤيته إلى الكون و الله والإنسان. أما تحليل هذه النظم فسيكون موضوع بنية العقل العربي للأستاذ الجابري .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الأحد، 5 أغسطس 2012

رد على محمد يوب



رد على قراءة الأستاذ والناقد محمد يوب في مؤلف تكوين العقل العربي للأستاذ الكبير محمد عابد الجابري ذ. بوعزة ساهل في عدة مواقع على الانترنيت ، ظهرت مجموعة من المواضيع الفكرية للأستاذ محمد يوب ( ناقد في مجال الأدب ) ، تناول فيها بالتفصيل قراءة قي مشروع الأستاذ محمد عابد الجابري رحمه الله . بدأ الأستاذ الناقد بقراءة لكل جزء من الأجزاء الأربعة وهي على التوالي :
تكوين العقل العربي بنية العقل العربي العقل السياسي العربي العقل الأخلاقي العربي و قبل الرد على هذه القراءة نطرح مع الأستاذ الناقد بعض الأسئلة التمهيدية منها : ما هي القراءة أولا؟ وما نوع القراءة التي اعتمدها الأستاذ محمد يوب في مقاربته التي يقول عنها أنها تحليلية . هل هي قراءة وصفية ؟ استكشافية ؟ تشخيصية ؟ معرفية ؟ أليست القراءة التحليلية تفكيك للنص وإعادة بناءه من جديد ؟ ما هي الإشكالات التي حللها وفككها الأستاذ وأعطاها تأويلا جديدا يناسب المرحلة، يتفاعل فيها القارئ مع النص ( النص هنا هو التراث العربي الإسلامي ) .
فقراءة مشروع ضخم من حجم مشروع الجابري يتطلب ما قرأه الجابري سواء صرح به أو لم يصرح به . وفي هذا السياق يقول جورج طرابيشي في الجزء الأول (= نظرية العقل) من مشروعه الضخم نقد نقد العقل العربي... "قد كان علي أن اقرأ لا كل ما كتبه الجابر، ولا كل ما قرأه أو صرح انه قرأه فحسب ، بل كذلك ما لم يصرح انه قرأه وما كان يفترض به انه قرأه" مما يعني أن قراءة في ما كتبه الجابري تتطلب تلك المواصفات التي تحدث عنها طرابيشي في هذه الفقرة المقتضبة والمركزة ، يعني ما صرح به الجابري وما غيبه وسكت عنه لأغراض ايديولوجية تخدم أطروحاته العديدة والمتنوعة. فبعد هذه التمهيدات نعود إلى قراءة مؤلف تكوين العقل العربي للأستاذ محمد يوب متناولين النقط التالية : 1- في بداية القراءة يقول إن الجابري ركز على تحديد المفاهيم التالية : -ما المقصود بالعقل العر بي ؟ - ما علاقة العقل العربي بالثقافة العربية ؟ - كيف تحدد زمانها ؟ ( يقصد الثقافة العربية ). إن ما أثار انتباهنا هنا هو الخلط بين المفاهيم والإشكالات . فهذه الأسئلة التي تؤطر قراءة الاستاذ هي إشكالات سيتناولها لاحقا. 2- يقول الأستاذ يوب في قراءته لتكوين العقل العربي ان الجابري اعترضتنه مشكلة بداية ( بدايات ) تشكيل العقل العربي والثقافة العربية والإطار الزمني الذي تشكل فيه هذا العقل العربي دون أن يشير إلى هذه الاعتراضات ولم يعطي حلولا أو اقتراحات لتجاوز تلك العوائق التي كانت سببا في تلك المشاكل وتلك الاعتراضات. وحول هذه الاعتراضات يقول الجابري في الفصل الثاني من الكتاب : " إننا نتصور الفكر العربي يبدأ بداية متواضعة أو على هذه الدرجة او تلك من الأهمية في نقطة ما داخل ما نسميه العصر الجاهلي، وهو فترة ثقافة تمتد حسب غالبية الأقوال ما بين 50 و100 سنة قبل الإسلام ". (ص48-49). وانطلاقا من هذه البداية قسم الجابري تطور الفكر العربي إلى ثلاثة مراحل أساسية ( بدايات ) ، البداية الأولى كما قلنا من نقطة داخل العصر الجاهلي والثانية مع بداية الدعوة المحمدية أما البداية الثالثة فهي بداية النهضة العربية الحديثة ( بداية تاريخ جديد ) (ص49). إلا أن البدايتين الأولى والثانية تصبان تلقائيا في ما يسميه الجابري عصر التدوين-الذي يبدأ حسب المؤرخين ( مثلا الذهبي ) من سنة 143 هجرية - ويعتبر الإطار المرجعي الفعلي لتشكل العقل العربي لان ذلك العصر لم يقطع مع ما قبله ، بل يحويه ويتضمنه بطريقة اللاشعورية لأنه جزء من مكوناته ، فصورة العصر الجاهلي وصورة صدر الإسلام والقسم الأعظم من العصر الأموي نسجتها خيوط منبعثة من عصر التدوين في الإسلام هي نفس الخيوط التي نسخت صور ما بعد عصر التدوين ، وليس العقل العربي في واقع الأمر شيئا آخر غير هذه الخيوط بالذات التي ابتدأت إلى ما قبل وصنعت صورته في الوعي العربي (ص62). 3- فعند حديثه عن بدايات تشكل العقل العربي يقول الأستاذ يوب إن ان ان الجابري مرة يتكلم عن العقل العربي ومرة يتكلم عن الثقافة العربية ولهما عنده نفس المعنى فالثقافة هي العقل والعقل هي الثقافة ( الصياغة من عند الأستاذ ) إلا أننا لم نجد أثرا لهذه المطابقة بين العقل والثقافة في كتب الجابري ، فالعقل أداة منتجة للفكر أو هو الفكر نفسه، والفكر جزء من الثقافة وبالتالي الفرق شاسع بين المفهومين العقل والثقافة . 4- أما على مستوى المنهج الذي اعتمده الجابري في رأي الأستاذ الناقد فهو المنهج التكويني يقصد المنهج البنيوي التكويني(= التوليدي ) الذي تتحكم فيه ثوابت ويغتني بالتحولات، لكن الأستاذ لم يشر إلى المنهج التاريخي (ربط فكر صاحب النص الذي أعيد تنظيمه حيث المعالجة البنيوية بمجاله التاريخي بكل أبعاده =نحن والتراث ص 24 ) والطرح الإيديولوجي الواعي ( الكشف عن الوظيفة الاجتماعية والسياسية ... ) التي اعتمدهما الجابري بجانب المنهج الابستمولوجي وتوظيفه إجرائيا لهذا البعد الايسيتمولوجي في كتاباته خاصة تكوين العقل العربي وبنية العقل العربي ، فالجابري معروف بالنسبة للقراء ببعده الابستمولوجي . لقد وظف الجابري مفاهيم مستعارة من حقول معرفية غربية مثل اللاشعور لفرويد ويونغ و الابستمي لفوكو والقطيعة الابستمولوجية لباشلارواللاشعور المعرفي عند بياجي والكتلة التاريخية لانطونيو غرامشي ... فالباحث عموما ينتقل من منهج إلى آخر مثله مثل ربان الطائرة ، يحلق في الفضاء و فق الإحداثيات التي يتحرك فيها ( المعلم ) ليصل إلى الهدف المنشود مراعيا شروط ذلك الانتقال. 5- يقول الأستاذ الناقد في موقع أخر من قراءته للمؤلف المذكور : نحن نختلف في كتابة تاريخ الفكر العربي كفرق وشيع ومذاهب وهذا ا لاختلاف مذموم وليس محمود أولا هذه العبارة غير واضحة ، يمكن القارئ العودة إليها ، فهي لا تفيد بالغرض ثانيا إن المصطلحين مذموم ومحمود لا ينتميان إلى قاموس الفلسفة بل ينتميان إلى قاموس الفقهاء. 6- فالجابري لم يحصر مرحلة تكوين عناصر العقل العربي ابتداء من عصر التدوين ( منتصف القرن الثاني الهجري ) كما نظن ، بل هذه المرحلة التي اعتبرها الأستاذ يو ب بداية تشكل العقل العربي فما هي إلا مرحلة تتويج لمراحل سابقة ذكرها الجابري واشرنا إليها في الفقرات السابقة ، مرحلة نقطة ما في العصر الجاهلي ومرحلة صدر الإسلام ، إن ما يميز هذه المرحلة الأخيرة ، مرحلة عصر التدوين هو تعبئة علماء ومفكري الدولة العباسية لتدوين وتقنين علومهم من أحاديث وتفاسير ولغة وإعطاء للثقافة العربية طابع الثقافة العالمة . 7- ففي موقع آخر لنفس القراءة يقول الأستاذ إن الإسلام لم يرفض كل ما قبله بل اعتمد على الجانب النير في العقل العربي القديم حيث الرسول أعجب بقصائد شعرية غاية في الروعة لشعراء الجاهلية . نحن نتفق مع الأستاذ في استمرارية الثقافة العربية التي لها جذور في أعماق العصر الجاهلي ، لكن لن نتفق معه في ربط الشعر بالعقل كان عربيا أم غير عر بي ، فالعقل ، هل ينتج شعرا أم أفكارا ، فالشعر مصدره في اعتقادنا القلب والجوارح والخواطر لأنه ينتمي إلى عالم التخيل وعالم الانفعالات . 8- أما التدوين الذي تكلم عنه الأستاذ في عهد الرسول فهو تسجيل وتقييد لا غير لن يصل إلى حد التدوين بمفهومه التداولي- الذي تعبأت له الدولة وليس أفرادا كما اشرنا إلى ذلك سابقا . 9- كان من أسباب ودواعي الرد على مقال الأستاذ محمد يوب بالدرجة الأولى هو بعض المغالطات التي لم يتحملها القارئ خاصة المهتم بالفكر وبالفلسفة . يقول باختصار : " انه في القرن الثالث الهجري كان ازدهار ثقافي لانفتاحنا على الدول المفتوحة إلا أن هذا الانفتاح كان له أثر سلبي " ( ومتى كان للازدهار أثر سلبي ؟) وعلل ذلك بحضور المنطق الأرسطي ، وان هذا الأخير اثبت فشله في اليونان وانتهى بنهاية الحضارة اليونانية ( هكذا يقول الأستاذ ) . السؤال من قال بفشل المنطق الأرسطي في اليونان؟ ما هي أوجه الفشل ؟ وفي أي ميدان؟ لا ادري هل يقصد بالمنطق الصوري أم المادي ( الاستقرائي ) لأنهما معا منسوبان أصلا إلى أرسطو ، فهو غالبا يقصد المنطق الصوري الذي كان سائدا في العصور الوسطى المسيحية والإسلامية . في رأينا يوصف إثبات فشل المنطق الأرسطي عند الذين لم يقرءوه ولم يفهموه مثلهم مثل ابن الصلاح والسيوطي وغيرهما الذين ما زالت فتاواهم تلاحقنا إلى الآن نحن أبناء القرن الواحد والعشرين ، فتاوى تحرم المنطق والفلسفة ، فمن تمنطق تزندق في رأيهما وفي رأي التابعين لهما . نتذكر ألان الإمام الغزالي الذي دافع عن المنطق الأرسطي بشدة في عدة مؤلفات أهمها معيار العلم ( القرن الخامس الهجري ) ورفع اللبس والفهم الخاطئ عن المنطق مما يزيل التعارض الذي أقامه بعض الفقهاء المتزمتين بين المنطق والدين الإسلامي (انظر كتابنا دفاعا عن المنطق الأرسطي . مجموعة مقلات ) وبالتالي حرر الإمام الغزالي الاشاعرة من الاستدلال بالشاهد على الغائب ( قياس الفقهاء ). ومن بين الذين أسسوا فلسفتهم على المنطق الأرسطي من المتصوفة شهاب الدين السهرودي ( الحلاب =المقتول ) وهو من المتأخرين فقد اهتم بالمنطق اليوناني بشقيه الأرسطي والرواقي، وربطه بفلسفته الاشراقية . فالسهروردي يطلب من أتباعه أن يفكروا أولا في المنطق الأرسطي وأن ينظروا في الفلسفة المشائية قبل الانتقال إلى فلسفة الإشراق. ففي رسالة اللمحات في الحقائق، التزم السهروردي فيها التقسيم التقليدي للعلوم الفلسفية من منطق وطبيعيات وميتافيزيقا. ففي المنطق، اعتنى بالتعريف ،والقضايا، والقياس، والبرهان دون أن يهمل مبحث المغالطات أي مغالطة السفسطائيين . وفي رسالة التلويحات اللوحية والعرشية، يذكر السهروردي أن غرضه منها إنما هو ربط تعليم أرسطو دون التفات إلى شروح الفلاسفة المشائين يقول: هذا هو المشروع في علوم ما بعد الطبيعة من التلويحات اللوحية والعرشية ، لم التفت منها إلى المشهور من مذاهب المشاءين ، بل أنقح ما فيها ما استطعت ، وأذكر إلى قواعد المعلم الأول( محمود محمد علي محمد .منطق الاشراق عند شهاب الدين السهرودي. مصر العربية للنشر . القاهرة . ط1. 1999.ص.78 ) (= ضمن كتاب لنا بعنوان العرب ومنطق اليونان : من مرحلة الانفتاح إلى مرحلة الجمود، قيد الطبع). 10- لا ادري هل الأستاذ المحترم نسى أو تناسى انتماءه إلى الغرب الإسلامي ، وان العلوم العربية في هذه المنطقة الجغرافية تأسست على علوم عصرها من منطق ورياضيات خاصة مع الدولة الموحدية في إطار إشكالية المغرب والأندلس السياسية والثقففية ( بخلاف العلوم في المشرق التي تأسست الدين و على الغنوص ) ا ،لقد قطع المغاربة مع إشكالية المشارقة على مستوى المنهج ( قياس الشاهد على الغائب) الذي أسس له الإمام الشافعي )والرؤية ،لان علومهم مبنية على الظن وليس القطع. فباعتبار المنطق الأرسطي من المعقولات التي دخلت إلى الثقافة العربية الإسلامية بجانب الرياضيات والموسيقى، وظف المنطق من طرف مفكري الإسلام سواء للدفاع عن العقيدة أو لتأسيس علومهم على تلك المعقولات . استعمل بعض البلاغيين واللغويين للمنطق الأرسطي في ميادينهم مثل حازم القرطاجني في كتابه مناهج البلغاء في صناعة البديع وأبو قاسم السجلماسي في كتابه المنزع البديع في تجنيس أساليب البديع وأبو عميرة في كتابه التنبيهات على ما في البيان من التمويهات، وكذلك الشاطبي في الموافقات ( ضمن الكتاب المرتقب ) . فهؤلاء جميعا نهجوا نهجا مغايرا في تآليفهم ، فهم يجمعون بين المأثورات البلاغية والفقهية والكلامية واللسانية والتراث اليوناني الأرسطي بواسطة الفارابي وابن سينا وابن رشد ( محمد مفتاح . التلقي والتأويل. ط1. 1994زص20)(= ضمن الكتاب المرتقب ). 11- ربط الأستاذ فشل المنطق الأرسطي بالمادة ، فهو يقول : "فالمادة مثلا عند أرسطو تتكون من عناصر( ربما يقصد العناصر الأربعة التي قال بها انبادوقليس وهي الماء والتراب والهواء والنار ) وان العقل العربي الإسلامي أصبح يعرف الذرة أو اقل منها ( ربما يقصد أجزاء منها ) كما جاء في القرآن" . الم تكن الذرة معروفة قبل الإسلام خاصة مع ديمقريطس صاحب نظرية الذرة؟ السؤال : ما علاقة القرآن بالذرة؟ هل حاول الأستاذ تفسير المادة بالقرآن؟ وهذا خطأ منهجي لان القرآن هو الذي يفسر بالعلم وليس العكس . في هذه النقطة المتعلقة بفشل المنطق الأرسطي كما يدعي الأستاذ ( والتي كررها في قراءته لبنية العقل العربي ) نشير أولا أن المنطق علم ( مثله مثل الرياضيات والفيزياء أو قل العلوم الطبيعية ) والعلم مقال ظرفي ، يبنى عن طريق الانفصال ، أي عبر قطائع وليس عن طر يق الاتصال كما كان في الابستمولوجا الكلاسيكبة ، فالعلم ديدنه هو تصحيح أخطائه باستمرار ( باشلار).طبعا وقعت قطيعة بين المنطق الأرسطي المؤسس ابستمولوجيا على مبدأ الهوية ومبدأ عدم التناقض ثم مبدأ الثالث المرفوع ، تلك المبادئ التي يعرفها أصحاب الصنعة ، والتي انهارت (تلك المبادئ ) مع نظرية الكوانتا لماكس بلانك مما فسح المجال لنقد تلك المبادئ وانبثاق ميلاد منطق جديد سمي بالمنطق الرياضي أو اللوجستيبكي على يد فريجة ثم ب. رسل وأستاذه وايتهد، فالمنطق الأرسطي مثله مثل الفيزياء الكلاسيكية التي كان يتربع على عرشها إسحاق نيوتن في العلم الحديث وانهارت الأسس والمبادئ التي تأسست عليها تلك الفيزياء مثل مفهوم الحتمية ومفهوم اليقين ومفهوم المطلق ... مع ظهور الفيزياء المعاصرة على يد ماكس بلانك واينشتين وبور وهيزنبيرغ وغيرهم. 12- الأهم في الكتاب الذي قام بقراءته لم يتناوله الأستاذ الناقد ، لم يتناول مكونات العقل العربي التي هي موضوع الكتاب، ستناوله في هذه الفقرة الأخيرة علما أن ردنا على الأستاذ المحترم يدخل في ما يلي : أولا كزميل عزيز، وثانيا فهو ناقد أدب بامتياز ، نقدم له تشكراتنا على المجهود الذي أبدله لقراءة كتاب ليس من السهل على غير المختص الإلمام بجميع خيوطه ، نحن نرد على الزميل يوب ليس من أجل الر د ، بل من اجل أغناء النقاش والحوار المثمر والهادئ، لان القليل من الأدباء من يتناولون مثل هذه المواضيع الفكرية والفلسفية، فتحياتنا له. كما أن ردنا يعتبر همزة وصل وتواصل فكري حضاري بين الكاتبين ، بل بين أديب و هاوي يطغى على تفكيره الجانب العلمي والفلسفي، أو قل يتموج فكره بين القمم والسفوح. نعود باختصار إلى أهم مكونات العقل العربي ونقول حسب أستاذنا الكبير محمد عابد الجابري رحمه الله ان مكونات العقل العربي ثلاث : -المكون الأول هو الفكر ا لذي تأسس انطلاقا من اللغة العربية والدين الإسلامي من حديث وبلاغة وكلام و نحو فقه ...يعني داخل الدائرة العربية الإسلامية ( داخل البيان العربي الإسلامي ) . هذا المكون أو النظام المعرفي هو الذي سمي ب البيان. - المكون الثاني هو الموروث العربي القديم . ونعني به بنيات العقائد والثقافات السابقة على الإسلام والتي انبعثت مع عصر التدوين ( منتصف القرن الثاني الهجري ) . كانت كما هو معروف عدة ديانات قبل الإسلام ، اليهودية والنصرانية والصابئة والزرادشية والهرمسية نسبة الى النبي هرمس ... هذه الديانات كلها إما انحرفت وإما دخلت في الشرك بدل التوحيد وبالتالي كان يطبعها اللامعقول ، هذا المكون أو النظام المعرفي هو ما سمي بالعرفان( يميزه العقل المستقيل ) . - المكون الثالث هو الموروث غير العربي ونعني به علم الأوائل( الأعاجم )°من فلسفة ومنطق ... أو قل العلوم العقلية . هذا المكون أو النظام المعرفي الأخير هو ما سمي بالبرهان. ومن خلال هذه النظم صنف الجابري مكونات الثقافة العربية الإسلامية إلى بيان وعرفان وبرهان ، كل نظام معرفي له مفاهيمه ومنهجه ورؤيته إلى الكون و الله والإنسان. أما تحليل هذه النظم فسيكون موضوع بنية العقل العربي للأستاذ الجابري .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق