مفهوم العقل العلمي
العقل لغة
الحجر(المنع ) والنهي ضد الحمق .
وفي لسان العرب لإبن منظور ج11.ص458-462،فالعقل مأخوذ من عقلت
البعير إذا جمعت قوائمه ، وقيل العقل هو التمييز الذي يميز الإنسان عن سائر
الحيوانات . ورجل عاقل هو الجامع لأمر ه
ورأيه. والعاقل هو الذي يحبس نفسه ويردها
عن هواها .
العقل
اصطلاحا
يستعمل العقل
عادة لوصف الوظائف العليا للدماغ( وربما
القلب) البشري (التفكير – الذاكرة –
الذكاء ..) ( عن ويكيبيا ).
والعقل عند اليونانيين
مثل هيرقليطس وأنكساكوراس يفسر
النظام السائد في الكون ، وهوأعدل القسمة
بين الناس .
وإلى حدود بداية الثورة
العلمية المعاصرة بقي العقل الأوربي
في الفلسفات القليدية امتدادا للعقل اليوناني ، عقل كلي ، قوانينه تطابق قوانين الطبيعة .
ويمثل هذا الاتجاه كل من ديكارت ومالبرانش
وليبنتز وكانط وهيغل (1).
تلك هي المصادرة الإبستمولوزجية التي بنى عليها
هؤلاء الفلاسفة الكبار مشارعهم الفلسفية.
أما فرانسيس بيكن وجاليلي ونيوتن ( التجريبيون ) فهم يضعون العقل
في مدرسة العلم التجريبي والمنهج
الاستقرائي ، عكس سلسلة ديكارت التي ترتكز
أساسا على المنهج الاستنباطي. فالعقل
متعدد الصور . فهناك العقل النظري( فلسفي – منطقي -رياضي ..) والعقل العملي(
أخلاقي – سياسي ..) وهناك العقل
اللاهوتي والغيبي . وهناك العقل العلمي . فالذي يهمنا في هذه الورقة هو العقل العلمي خاصة بدءا
من سنة 1905.
العقل العلمي
يتميز العقل
العلمي بآليات تفكيره ، فهو عقل يربط السبب بالمسببات ،العلة بالمعلوم ، عقل ممنهج ، ينطلق من
معطيات ومصادرات أو قل من أكسيومات ( مسلمات وتعاريف ..) مستعملا
منهجا استدلاليا ( استقرائيا أو
استنباطيا ) وصولا إلى نتيجة معينة .
فهو عقل افتراضي
أي ينطلق دوما من فرضية ما وصولا إلى الهدف .
كما أن النظرية
العلمية عنده دائما قابلة للدحض والتفنيد(
كارل بوبر ). فتاريخ العلوم هو تاريخ سلسلة من الفروض المتنافسة والبقاء للأصلح ( منطلقات داروينية ).
فالعقل العلمي
المعاصر هو الذي أصبح يقبل النقيضين في الشيئ نفسه ( الاتصال والانفصال ) . هو كذلك عقل مركب من هذه المتناقضات ( الثنائيات )، عقل نسبي ( ليس
بعقل مطلق ).
فالعقل
العلمي هو عقل أصبح تلميذا للعلم
المتطور ( باشلار ) . عقل
متحرك وليس ثابتا
وفق المستجدات العلمية . يومن بالاحتمال
واللايقين واللاحتمية واللاتعين (
هيزنبيرغ ). يصحح أخطاءه باستمرار( انظر كتابنا جدلية العلم والعقل من منظور
ابستمولوجي ).
السؤال هل العقل البشري استوعب هذه الجدليات وهذه التوليفات ( التركيبات ) في
العقل العلمي الجديد ؟ وضمن هذا السؤال فماذا نقول عن العقل العربي ؟ هل
هو عقل أرسطوطاليسي – أوقليدي ؟ أم
عقل يتجاوب مع المستجدات في العلم الجديد المتطور ؟ هل استوعب ميكانيكا ديراك
وميكانيكا هيزنبيرغ ؟ هل استوعب مكان
ريمان الأكثر ملاءمة مع نظرية النسبية لأينشتين ؟ هل استوعب
المنطق الرمزي ( الرياضي ) الذي أسس له
فريجه ورسل ووايتهد؟أم مازال يومن بمبدأ التوكل والتجويز ورفضه لمبدأ السببية ؟
-----------
(1) جورج طرابيشي
. نظرية العقل . دار الساقي.ط1. 1996.ص194.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق