الخميس، 4 أكتوبر 2012

العقل العلمي


 مفهوم العقل العلمي 
العقل لغة  الحجر(المنع )   والنهي ضد الحمق .
  وفي لسان العرب  لإبن منظور ج11.ص458-462،فالعقل مأخوذ من عقلت البعير إذا جمعت قوائمه ، وقيل العقل هو التمييز الذي يميز الإنسان عن سائر الحيوانات  . ورجل عاقل هو الجامع لأمر ه ورأيه. والعاقل هو الذي يحبس  نفسه ويردها عن هواها .
 العقل اصطلاحا 
 يستعمل العقل عادة  لوصف الوظائف العليا للدماغ( وربما القلب) البشري  (التفكير – الذاكرة – الذكاء ..) ( عن ويكيبيا ).
 والعقل عند  اليونانيين  مثل هيرقليطس وأنكساكوراس    يفسر النظام السائد  في الكون ، وهوأعدل القسمة بين الناس .
  وإلى حدود  بداية الثورة  العلمية المعاصرة بقي العقل الأوربي  في الفلسفات القليدية امتدادا للعقل اليوناني  ، عقل كلي ، قوانينه تطابق قوانين الطبيعة . ويمثل هذا الاتجاه  كل من ديكارت ومالبرانش وليبنتز وكانط وهيغل (1).
  تلك هي المصادرة الإبستمولوزجية التي بنى عليها هؤلاء الفلاسفة الكبار مشارعهم الفلسفية.  أما  فرانسيس بيكن  وجاليلي ونيوتن ( التجريبيون ) فهم يضعون العقل في مدرسة العلم  التجريبي والمنهج الاستقرائي  ، عكس سلسلة ديكارت التي ترتكز أساسا على المنهج الاستنباطي.  فالعقل متعدد الصور . فهناك العقل النظري( فلسفي – منطقي -رياضي ..) والعقل العملي( أخلاقي – سياسي ..) وهناك  العقل اللاهوتي  والغيبي  . وهناك العقل العلمي . فالذي يهمنا   في هذه الورقة هو العقل العلمي خاصة بدءا من  سنة 1905.


 العقل العلمي
 يتميز العقل العلمي بآليات تفكيره ، فهو عقل يربط السبب بالمسببات ،العلة  بالمعلوم ، عقل ممنهج  ، ينطلق من  معطيات ومصادرات أو قل  من  أكسيومات ( مسلمات وتعاريف ..)  مستعملا  منهجا  استدلاليا ( استقرائيا أو استنباطيا ) وصولا إلى  نتيجة معينة .
 فهو عقل  افتراضي  أي  ينطلق دوما من   فرضية ما وصولا إلى  الهدف .
 كما أن النظرية العلمية عنده  دائما قابلة للدحض والتفنيد( كارل بوبر ). فتاريخ العلوم هو تاريخ سلسلة من الفروض المتنافسة  والبقاء للأصلح ( منطلقات داروينية ).
 فالعقل العلمي المعاصر هو الذي  أصبح  يقبل النقيضين في الشيئ  نفسه ( الاتصال والانفصال  ) . هو كذلك عقل مركب  من هذه المتناقضات  ( الثنائيات )، عقل نسبي  ( ليس  بعقل مطلق ).
 فالعقل العلمي  هو عقل أصبح  تلميذا للعلم  المتطور  ( باشلار ) . عقل متحرك  وليس  ثابتا  وفق المستجدات العلمية . يومن بالاحتمال  واللايقين واللاحتمية  واللاتعين ( هيزنبيرغ ). يصحح أخطاءه باستمرار( انظر كتابنا جدلية العلم والعقل من منظور ابستمولوجي ).
 السؤال  هل العقل البشري استوعب  هذه الجدليات وهذه التوليفات ( التركيبات ) في العقل العلمي  الجديد  ؟ وضمن هذا السؤال فماذا نقول عن العقل العربي  ؟  هل هو عقل  أرسطوطاليسي – أوقليدي ؟ أم عقل  يتجاوب مع  المستجدات في العلم  الجديد المتطور ؟ هل استوعب ميكانيكا ديراك وميكانيكا  هيزنبيرغ ؟ هل استوعب مكان ريمان  الأكثر  ملاءمة مع نظرية النسبية لأينشتين ؟ هل استوعب المنطق الرمزي ( الرياضي )  الذي أسس له فريجه ورسل ووايتهد؟أم مازال  يومن  بمبدأ التوكل والتجويز  ورفضه لمبدأ السببية ؟
-----------
 (1) جورج طرابيشي . نظرية العقل . دار الساقي.ط1. 1996.ص194.



 الورقةرقم 11            

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الخميس، 4 أكتوبر 2012

العقل العلمي


 مفهوم العقل العلمي 
العقل لغة  الحجر(المنع )   والنهي ضد الحمق .
  وفي لسان العرب  لإبن منظور ج11.ص458-462،فالعقل مأخوذ من عقلت البعير إذا جمعت قوائمه ، وقيل العقل هو التمييز الذي يميز الإنسان عن سائر الحيوانات  . ورجل عاقل هو الجامع لأمر ه ورأيه. والعاقل هو الذي يحبس  نفسه ويردها عن هواها .
 العقل اصطلاحا 
 يستعمل العقل عادة  لوصف الوظائف العليا للدماغ( وربما القلب) البشري  (التفكير – الذاكرة – الذكاء ..) ( عن ويكيبيا ).
 والعقل عند  اليونانيين  مثل هيرقليطس وأنكساكوراس    يفسر النظام السائد  في الكون ، وهوأعدل القسمة بين الناس .
  وإلى حدود  بداية الثورة  العلمية المعاصرة بقي العقل الأوربي  في الفلسفات القليدية امتدادا للعقل اليوناني  ، عقل كلي ، قوانينه تطابق قوانين الطبيعة . ويمثل هذا الاتجاه  كل من ديكارت ومالبرانش وليبنتز وكانط وهيغل (1).
  تلك هي المصادرة الإبستمولوزجية التي بنى عليها هؤلاء الفلاسفة الكبار مشارعهم الفلسفية.  أما  فرانسيس بيكن  وجاليلي ونيوتن ( التجريبيون ) فهم يضعون العقل في مدرسة العلم  التجريبي والمنهج الاستقرائي  ، عكس سلسلة ديكارت التي ترتكز أساسا على المنهج الاستنباطي.  فالعقل متعدد الصور . فهناك العقل النظري( فلسفي – منطقي -رياضي ..) والعقل العملي( أخلاقي – سياسي ..) وهناك  العقل اللاهوتي  والغيبي  . وهناك العقل العلمي . فالذي يهمنا   في هذه الورقة هو العقل العلمي خاصة بدءا من  سنة 1905.


 العقل العلمي
 يتميز العقل العلمي بآليات تفكيره ، فهو عقل يربط السبب بالمسببات ،العلة  بالمعلوم ، عقل ممنهج  ، ينطلق من  معطيات ومصادرات أو قل  من  أكسيومات ( مسلمات وتعاريف ..)  مستعملا  منهجا  استدلاليا ( استقرائيا أو استنباطيا ) وصولا إلى  نتيجة معينة .
 فهو عقل  افتراضي  أي  ينطلق دوما من   فرضية ما وصولا إلى  الهدف .
 كما أن النظرية العلمية عنده  دائما قابلة للدحض والتفنيد( كارل بوبر ). فتاريخ العلوم هو تاريخ سلسلة من الفروض المتنافسة  والبقاء للأصلح ( منطلقات داروينية ).
 فالعقل العلمي المعاصر هو الذي  أصبح  يقبل النقيضين في الشيئ  نفسه ( الاتصال والانفصال  ) . هو كذلك عقل مركب  من هذه المتناقضات  ( الثنائيات )، عقل نسبي  ( ليس  بعقل مطلق ).
 فالعقل العلمي  هو عقل أصبح  تلميذا للعلم  المتطور  ( باشلار ) . عقل متحرك  وليس  ثابتا  وفق المستجدات العلمية . يومن بالاحتمال  واللايقين واللاحتمية  واللاتعين ( هيزنبيرغ ). يصحح أخطاءه باستمرار( انظر كتابنا جدلية العلم والعقل من منظور ابستمولوجي ).
 السؤال  هل العقل البشري استوعب  هذه الجدليات وهذه التوليفات ( التركيبات ) في العقل العلمي  الجديد  ؟ وضمن هذا السؤال فماذا نقول عن العقل العربي  ؟  هل هو عقل  أرسطوطاليسي – أوقليدي ؟ أم عقل  يتجاوب مع  المستجدات في العلم  الجديد المتطور ؟ هل استوعب ميكانيكا ديراك وميكانيكا  هيزنبيرغ ؟ هل استوعب مكان ريمان  الأكثر  ملاءمة مع نظرية النسبية لأينشتين ؟ هل استوعب المنطق الرمزي ( الرياضي )  الذي أسس له فريجه ورسل ووايتهد؟أم مازال  يومن  بمبدأ التوكل والتجويز  ورفضه لمبدأ السببية ؟
-----------
 (1) جورج طرابيشي . نظرية العقل . دار الساقي.ط1. 1996.ص194.



 الورقةرقم 11            

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق